كلام العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في تفسير معنى حديث : (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)، وفي أثناءه حادثة طريفة وقعت مع الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، فتفضلوا بارك الله فيكم:
فتاوى نور على الدرب - لابن عثيمين - / (111 / 64):
ما معنى الحديث الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) ؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
معنى هذا الحديث أن الدنيا مهما عظم نعيمها وطابت أيامها وزهت مساكنها فإنها للمؤمن بمنزلة السجن لأن المؤمن يتطلع إلى نعيم أفضل وأكمل وأعلى وأما بالنسبة للكافر فإنها جنته لأنه ينعم فيها وينسى الآخرة ويكون كما قال الله تعالى فيهم (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) والكافر إذا مات لم يجد أمامه إلا النار والعياذ بالله فكانت له النار ولهذا كانت الدنيا على ما فيها من التنغيص والكدر والهموم والغموم كانت بالنسبة للكافر جنة لأنه ينتقل منها إلى عذاب إلى عذاب النار والعياذ بالله فالدنيا بالنسبة له بمنزلة الجنة.
ويذكر عن ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- صاحب "فتح الباري"؛ وكان هو قاضي قضاة مصر في وقته:
كان يمر بالسوق على العربة في موكب فاستوقفه ذات يوم رجل من (اليهود) وقال له إن نبيكم يقول: "إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر" وكيف ذلك وأنت في هذا الترف والاحتفاء! وهو يعني نفسه اليهودي في غاية ما يكون من الفقر والذل فكيف ذلك؟
فقال له ابن حجر -رحمه الله- :
أنا وإن كنت كما ترى من الاحتفاء والخدم فهو بالنسبة لي بما يحصل للمؤمن من نعيم الجنة كالسجن ، وأنت بما أنت فيه من هذا الفقر والذل بالنسبة لما يلقاه الكافر في النار بمنزلة الجنة.
فأعجب اليهودي هذا الكلام وشهد شهادة الحق. قال :
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.