إتحادي مخلص zekraoui wahbi
عدد المساهمات : 480 تاريخ الميلاد : 07/01/1990 تاريخ التسجيل : 15/03/2011 العمر : 34 الموقع : يشار
| موضوع: من الحكايات الهادفة الجمعة يوليو 15, 2011 6:36 pm | |
| من الحكايات الهادفة
( 1 ) وعظ النفس كان من بين الذين يحضرون الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، رجل اشتهر بسرقة المال، والاعتداء على الأنفس والأعراض، وفي ذات يوم سمع الرسول صلوات الله عليه يقول: "من ترك شيئاً في الحرام ناله في الحلال" فصادف ذلك القول من نفسه موضع القلب، واعتزم أمـْراً، فلما أقبل الليل بسمائه القاتمة، تسلل كما تعود، في غفلة من الناس، إلى بيت امرأة مؤمنة، مات عنها زوجها، وتعيش وحدها، وأخذ يجوس خلال غرفات الدار، فرأى في واحدة منها طعاماً مجهزاً، ولما همَّ أن يتناوله، تذكر قول الرسول: "من ترك شيئاً في الحرام ناله في الحلال" فامتنع عنه وهو يشتهيه، ورأى في غرفة أخرى كيساً من الذهب النـُّضار، فلما همّ بأخذه، تذكر قول الرسول كذلك، فتركه، ورأى في مكان آخر امرأة ذات جمال وفتنة، مستغرقة في نوم عميق، فوسوس إليه الشيطان بقربها، ولكنه تذكر قول الرسول أيضاً، فخرج من البيت دون أن يصيب شيئاً. ثم ذهب ليؤدي صلاة الفجر في مسجد الرسول كعادته، وبعد الصلاة، انزوى في أحد أركان المسجد، مفكراً فيما كان منه، وفي تلك اللحظة، أتت المرأة لتقص على النبي قصة هذا السارق، الذي لم يخنها، وهي تعجب من ذلك، فابتسم الرسول صلوات الله عليه، وقال لها: "أوحيدة أنت تعيشين؟" قالت: نعم، لقد مات زوجي، فأشار الرسول إلى الرجل القابع في الركن وقال له: "أمتزوج أنت؟" قال: لا، ماتت زوجتي منذ حين، فقال له: وهذه المرأة مات عنها زوجها، فهل لكما أن تتزاوجا؟ فلم يجيبا حياء، فزوجهما الرسول، وهنا بكى الرجل، وقصَّ على الرسول قصته، وأيدته المرأة فيما قال، وما تنفس الصبح حتى عادا إلى بيتهما زوجين. وتناول الرجل نفس الطعام الذي تركه، وتملك الذهب، وتمتع بالمرأة، ولكن في الحلال. ( 2 )
وشاية حاقـــــــــــد
كان محمد المنصور بن أبي عامر المعافري، من ملوك العرب بالأندلس، وكان خطيباً بليغاً، تـُوُفـِّيَ سنة ثلاثمائة وأربعة وتسعين هجرية. قال يوماً لأبي عمر يوسف الرمادي، الشاعر المشهور، كيف ترى حالك معي؟ فقال الرمادي، فوق قدري ودون قدرك، فأطرق الملك كالغضبان، فانسلَّ الرمادي، وقد ندم على ما بدر منه، وكان في المجلس من يحسده على مكانته من الخليفة، فوجد فرصة قال: وصل الله لمولانا الظفر والسعد، إن هذا الصـِّنف، صنفُ زور وهذيان، لا يشكرون نعمة، ولا يرعون إلاًّ ولا ذمة، كلاب من غلب، وأصحاب من أخـْصب، وأعداء من أجـْدب، وحسبك منهم أن الله جل جلاله يقول فيهم "والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون" والابتعاد منهم أولى من الاقتراب، وقد قيل فيهم، ما ظنك بقوم، الصدق يستحسن إلا منهم. فرفع الملك رأسه وكان محاميَ أهل الأدب والشعر، وقد أسودَّ وجهه وظهر فيه الغضب المفرط ثم قال في المجلس: ما بال أقوام يشيرون في شيء لم يـُستشاروا فيه، ويسيئون الأدب بالحكم فيما لا يدرون، أيـُرضي أم يـُسخط؛ وأنت أيها المنبعث للشر دون أن يـُبعث، قد علمنا غرضك في أهل الأدب والشعر عامة، وحسدك لهم، لأن الناس كما قال القائل: من رأى النـاس له فضـلاً عليهـم حســدوه وعرفنا غرضك في هذا الرجل خاصة، ولسنا إن شاء الله نبلغ أحداً غرضه في أحد، ولو بلغنا في جانبكم، وإنك ضربت في حديد بارد، وأخطأت وجه الصواب، فزدت بذلك احتقاراً وصغاراً، وإني ما أطرقت من كلام الرمادي إنكاراً عليه بل رأيت كلاماً يجل عن الأقدار الجليلة، وتعجـَّبت من تهدِّيه بسرعة، واستنباطه على قلة من الإحسان الغامر، ما لا يستنبطه غيره بالكثير، والله لو حكمته في بيت المال، لرأيت أنها لا ترجح ما تكلم به ذرة، وإياكم أن يعود أحد منكم إلى الكلام في شخص، قبل أن يؤخذ رأيه فيه، ولا تحكموا علينا في أوليائنا ولو أبصرتم منا التغير عليهم، فإنا لا نتغير عليهم، بغضاً لهم وانحرافاً عنهم، بل تأديباً وإنكاراً، فإنا من نريد إبعاده لم نـُظهر له التغير، بل ننبذه مرة واحدة، فإن التغير يكون لمن يـُراد استبقاؤه، ولو كنت مائل السمع لكل واحد منكم في صاحبه، لتفرقتم أيدي سبا، وجونبت مجانبة الأجرب، وإني قد أطلعتكم على ما في ضميري، فلا تعدلوا عن مرضاتي، فتجنبوا سخطي بما جنيتموه على أنفسكم، ثم ردَّ الرماديَّ ووصله في حديث طويل. | |
|