الحجاب في الثقافة الإسلامية هو لباس يستر جسد المرأة. وهو أحد الفروض الواجبة على المرأة في
شرائع معظم الطوائف
والفرق الإسلامية. لغويا الحجاب هو الساتر، وحجب الشئ أي ستره،
وامرأة محجوبة أي
امرأةقد سُترت بستر. عادة ما يسمى غطاء رأس المرأة بالحجاب في الأوساط العربية
والإسلامية. وهناك إجماع من علماء الدين الإسلامي على وجوب الحجاب على
المرأة،
[1] وإن كانوا يختلفون في هيئته، فمنهم من يرى أن على
المرأة ستر جميع جسدها بما فيه الوجه والكفين، بينما يرى أغلبهم جواز كشف
الوجه والكفين. حيث ترى دار الإفتاء المصرية في المصدر السابق «
أنه إجماع المسلمين سلفاً وخلفاً، وأنه من المعلوم من الدين بالضرورة، وهذا يعد من قبيل الفرض اللازم الذي هو جزء من الدين». وبالرغم من ذلك تجدر الإشارة إلى أنه في العصر الحديث ظهر تيار يعارض الحجاب بدعوى أنه ليس فرضاً بل عادة.
وهناك بعض الدول تمنع أو تقيد ارتداء غطاء الرأس أو ما يعرف بالحجاب في
المؤسسات العامة كالجامعات والمدارس أو المؤسسات الحكومية؛ مثل
فرنسا وتونس -في ظل نظام بورقيبة وبن علي-
وتركيا. بينما توجد دول ومنظمات أخرى تفرضه على مواطناتها وحتى الأجنبيات منهن مثل
إيران والسعودية والسودان،
[2] وسابقاً
حركة طالبان في
أفغانستان.
الحجاب عبر التاريخيعتبر المسلمون أن الحجاب كان موجودا في
الشرائع الإبراهيمية القديمة، مستشهدين ببعض ما ورد في كتب
العهد القديم وكتب
الأناجيل والتي يفسرونها بأنها دليل على وجود الحجاب فيمن كان قبلهم من الأمم.
[3]كانت نساء العرب قبل الإسلام يرتدين ملابس تشبه ما يعرف حاليا بالحجاب
والنقاب. حتى أقر فقهاء الإسلام في العصر العباسي الحجاب الذي يستر كافة
الجسد كلباس إسلامي للمرأة.
في الوطن العربي كانت دعوات تحرير المرأة من مصر متزامنة مع دعوات التنوير، والتي كان أشهر روادها
قاسم أمين، ويدعمه
محمد عبده وسعد زغلول وأحمد لطفي السيدوغيرهم من رواد التنوير في ذلك الوقت. أصدر قاسم أمين كتاب تحرير المرأة،
وكتاب المرأة الجديدة، قال فيهما أن الحجاب السائد ليس من الإسلام. وفي
إطار تحرير المرأة من عزلتها وإخفاؤها وراء الحجاب وإبقاؤها في البيت،
قامت مجموعة من النساء على رأسهن
هدى شعراوي بمظاهرة 20 مارس سنة 1919م. وفي نفس الإطار قام سعد زغلول بدعوة النساء اللاتي يحضرن خطبته إلى كشف وجوههن. كما قامت
صفية زغلول وسيزا نبراوي بخلع غطاء الوجه بعد عودتهما من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923.
[4][عدل] الخلاف حول الحجاب[عدل] مؤيدي الحجاباتفق علماء الدين الإسلامي حول هيئة العامة للزي من حيث ضرورة ستر جسم
المرأة كله، لكنهم يختلفون فيما يتعلق بالوجه والكفين. فمنهم من يرى بوجوب
ستر كل جسد المرأة بما فيه وجهها وكفيها مستدلين بقول الله "يآ أيها النبي
قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" وأنه حين قال
في الآية "يدنين عليهن" لم يستثن منهن شيئاً، لا وجها ولا كفاً ولا عيناً
ولا غير ذلك. وقد استدل بعضهم أيضاً بما رواه
البخاري عن
عائشة بنت أبي بكر قالت "لما أنزلت هذه الآية أخذن أزورهن، فشققنها من قبل الحواشي فأختمرن بها". قال
ابن حجر العسقلاني: «
فاختمرن أي غطين وجوههن», ويفسر أصحاب هذا الاتجاه ما ذكر في
القرآن: (إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) هو ما يظهر من
المرأة بغير قصد فأظهر الأقوال في تفسيرهِ: «
أن المراد ظاهر الثياب» كما هو قول
عبد الله بن مسعود،
[بحاجة لمصدر] أو ما ظهر منها بلا قصد كأن ينكشف شيء من جسدها بفعل ريح أو نحو ذلك. والزينة في لغة
العرب ما تتزين به
المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها كالحلي والثياب، فتفسير الزينة ببعض بدن
المرأةكالوجه والكفين خلاف الظاهر. كما يقول بعضهم بوجوب تغطية المرأة لعينيها،
ويقول البعض الآخر أن يظهر من عينيها فقط السواد، واستنادا لقول ينسب إلى
ابن عباس أن ترتدي المرأة
نقاب أعور يغطي عين واحدة.
[5]في حين يرى أغلب علماء الدين الإسلامي وجوب الحجاب باستثناء الوجه والكفين. وممن بين ذلك من
العلماء المعاصرين الشيخ
القرضاوي والشيخ
محمد الغزالي والشيخ
الشعراوي وغيرهم من العلماء. فعلى سبيل المثال يبين الشيخ
القرضاوي في كتابه
فتاوى معاصرة:
[6] «
وبين
أن الراجح عنده بأن الوجه ليس بعورة فلم يقل أحد بأن الوجه عورة إلا في
رواية عن أحمد -وهو غير المعروف عنه- وإلا ما ذهب إليه بعض الشافعية.» كما قال في موضع آخر: «
أما
الغلو في حجب النساء عامة الذي عرف في بعض البيئات والعصور الإسلامية، فهو
من التقاليد التي استحدثها الناس احتياطا منهم، وسدا للذريعة في رأيهم،
وليس مما أمر به الإسلام. فقد أجمع المسلمون على شرعية صلاة النساء في
المساجد مكشوفات الوجوه والكفين -على أن تكون صفوفهن خلف الرجال، وعلى
جواز حضورهن مجالس العلم.»
ويرى
الفقهاء أن هناك شروطا يجب توافرها في الحجاب، لكنهم اختلفوا في هذه الشروط. بحسب
دار الإفتاء المصرية،
والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية فإن شروط الحجاب هي:
[1][7][8]
- أن يكون ساترًا لعورة المرأة عدا الوجه والكفين حسب قول البعض.
- أن يكون سميكًا لا يصف ما تحته من الجسم.
- أن يكون فضفاضًا غير ضيق ولا يصف الجسم.
- ألا يكون الثوب فيه تشبه بأزياء الرجال.
[عدل] معارضي الحجابمن ناحية أخرى يرى بعض الباحثين والمفكرين الإسلاميين المعاصرين أن
الحجاب (بمعني تغطية الشعر) أو النقاب (بمعنى تغطية الوجه والكفين) هو
موروث ثقافي
بدوي،
كان موجودا في العديد من الحضارات القديمة، وفي الجاهلية قبل بعثة الرسول
محمد، واستمر بعد نزول رسالة الإسلام، فاعتبره الفقهاء القدامى جزءا من
الإسلام. كما يشكك البعض في صحة الأحاديث المروية عن الرسول محمد في هذا
الشأن بناءً علي أن أغلبها إما مرسل أو ضعيف. أما عن مدلول الآيات الواردة
في القرآن فتفسر على أنها أمر بالاحتشام بصفة عامة، ولا تعني بالضرورة
تغطية أجزاء معينة من الجسم.
الكاتب والمفكر
سيد القمنيفي مقالة له بعنوان مكانة الحجاب بين فضائل العرب، قال أن "القرآن لم يفرض
الحجاب على نساء المسلمين ولا أشار إليه ولا شرعه ولا قننه، وحتى لو كان
فرضًا كما يقولون فهو لتغطية الجيب ولم يتحدث عن الرأس، فالخمر كان علي
الرأس كعادة بيئية صحراوية من الأصل.". ويرى القمني أن الآيات القرآنية
أمرت المرأة الحرة في زمن البعثة بتغطية صدرها كعلامة تميز المرأة الحرة
عن الإماء، فلا يتعرضن للتحرش أو الأذى، واستشهد على ذلك بحادثة ضرب
عمر بن الخطاب لإحدى الجواري لأنها أخفت صدرها بخمار.
[9]ومن وجهة نظر المفكر الإسلامي
جمال البنا،
فإنه لا يوجد في القرآن ولا في السنة ما يعرف اليوم بالحجاب، مؤكدا على أن
الخمار التي كانت ترتديه النساء في ذلك الوقت هو زي تقليدي وعادة
اجتماعية، وما جاء في القرآن هو أمر بتغطية فتحة الصدر وليس فرض الخمار.
ويستشهد البنا على ذلك بحديث ورد في صحيح البخاري مفاده أن النساء كن
يتوضئن مع الرجال في حوض واحد في عهد الرسول محمد والخليفة
أبو بكر وجزء من عهد الخليفة
عمر بن الخطاب، ومما يترتب على هذا بكشف الوجه والشعر والذراعين من اجل الوضوء.
[10] في عام 2008 حظر
الأزهر كتابًا له يحمل اسم "المرأة المسلمة بين تحرير القرأن وتقييد الفقهاء" يقول فيه ان الحجاب هو تغطية صدر المرأة.
[11].
ويتفق الدكتور
أحمد صبحي منصور -الزعيم الروحي لل
قرآنيين- على أن ضرب الخمر على الجيوب يقصد به تغطية الصدر،
[12] ويضيف لذلك إلى أن إدناء الجلباب الوارد في القرآن يعني تغطية الساقين.
[13]يذهب المستشار
محمد سعيد العشماوي في كتابه "حقيقة الحجاب وحجية الحديث" مع الرأي القائل بأن آية الخمار تأمر بتغطية الصدر. أما عن آية الحجاب فيقول أنها موجهة ل
أمهات المؤمنينخاصة، والحجاب المقصود ليس ملبس وإنما ساتر يفصل بين زوجات الرسول وبينمن
يسألهن متاعا بحيث لا يرى كل منهما الآخر. ويضيف إلى ذلك إلى أن علة إدناء
الجلابيب المذكورة في
سورة الأحزاب33: 95 هي التمييز بين الحرائر والإماء مستشهدا كذلك بحادثة ضرب عمر بن
الخطاب لجارية أخفت صدرها. ويقول العشماوي أن هذه العلة قد انتفت لعدم
وجود إماء وجواري في العصر الحالى، وفقا لقاعدة في
علم أصول الفقه أن الحكم يدور مع
العلةوجودًا وعدمًا, فإن وُجِد الحكم وُجِدَت العلة. مع الإشارة إلى أن إدناء
الجلابيب المذكور يقصد به تغطية الجسد على خلاف بين الفقهاء.
[14][عدل] الانتشار الجغرافيينتشر الحجاب في العديد من الدول ذات الغالبية الإسلامية عموما مثل
السعودية و
اليمن، ويشمل الحجاب فيها غطاء الوجه أو
النقاب ويسمى بالزي الإسلامي ولونهُ
أسود بالغالب، وتليهما
إيران والتي يستعاض عن الحجاب أحياناً
بالشادور، كذلك ينتشر كل من الحجاب والنقاب في
باكستان و
أفغانستان.
ويختلف لبس الحجاب من عدمه وشكل الحجاب باختلاف البيئة السكانية والعادات
والتقاليد التي تلعب دور بارز في ذلك بالإضافة إلى الأنظمة الحاكمة، ففي
بعض الدول يكون الحجاب إلزامياً وبعضها تمنعه، لكن غالبية الدول تعد هذا
الأمر من أمور الحرية الشخصية.
[عدل] الدول التي فيها الحجاب إجباري
- إيران: تلزم القوانين الإيرانية منذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979
النساء مسلمات كن أم غير مسلمات على ارتداء الحجاب. وتواجه كل من تظهر في
الأماكن العامة وهي لا ترتدي الحجاب حكما بالسجن لفترة تتراوح بين عشرة
أيام وشهرين، أو دفع غرامة تعادل ما بين 6 - 60 دولار أمريكي. وفي الفترة
الأخيرة قامت الشرطة الإيرانية بتحذير أصحاب متاجر الملابس النسائية من
عرض دمى العرض (المانيكان) دون حجاب. علماً بأنه أثناء حكم الشاه كان يمنع ارتداء الحجاب[16].
- قطاع غزة: بعد سيطرة حركة حماس على الحكم في قطاع غزة
إنضمت إلى الدول التي تفرض الحجاب، حيث أصبح إجبارياً في المدارس على
الفتيات بدءً من الصف الرابع الابتدائي. كما إنه فرض على المحاميات أثناء
جلسات المحاكم.[بحاجة لمصدر]
- مدينة كوالا تيرينجانو بماليزيا: فرضت مدينة كوالا تيرينجانو التي تنتمي لولاية تيرينجانو شمال ماليزيا الحجاب على المسلمات وغير المسلمات منذ عام 2004، وقامت بفرضه حتى على العاملات في القطاع الخاص[17].
[عدل] محاولات فرض الحجاب في بعض الدول
- العراق:
في فترة الانفلات الأمني كانت تضطر الفتيات (المسلمات وغير المسلمات)
لارتداء الحجاب خوفا من الضرب أو الاختطاف والقتل من المليشيات الدينية
المسيطرة على البلاد وذلك لسفورهن[18].
- الكويت: حاول نواب في البرلمان الكويتي
بفرض الحجاب على العضوات والوزيرات غير المحجبات، وقدم طعن بعضوية نائبتين
في البرلمان بسبب عدم ارتدائهما الحجاب لأن قانون الانتخابات يجبر المرأة
على احترام الشريعة الإسلامية، إلا أن المحكمة الدستورية رفضت الطعن[19]
وذلك لأن الأحكام الواردة في الشريعة الإسلامية لا تكون لها قوة إلزام
القواعد القانونية إلا إذا تدخل المشرع وقننها وليس لها قوة النفاذ الذاتي
والمباشر[20].
[عدل] الدول التي تقيد ارتداء الحجاب
- تونس: أصدرت تونس منشورا سنة 1981 في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة يعرف "بالمنشور 108"، ويصف هذا المنشور الحجاب بالزي الطائفي. ومع بدء العام الدراسي في سبتمبر 2005
شن مسئولي التعليم في تونس حملة واسعة النطاق لتطبيق المنشور 108، وتم منع
الطالبات المحجبات من دخول المدارس والكليات، وتقاد المخالفات إلى قسم
الشرطة للتحقيق معها في هذه التهمة حيث تجبر على توقيع تعهد بعدم ارتداء
الحجاب مستقبلاً[21]. وظل هذا الحظر حتى سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير عام 2011.
- فرنسا: أقر البرلمان الفرنسي في 10 فبراير 2004
قانون يحظر ارتداء أي رموز دينية ظاهرة سواء كانت الحجاب أو صلبان كبيرة
أو نجمة داود أو التربان السيخي Sikh Turban بالمدارس الحكومية وذلك
للحفاظ على الهوية العلمانية للدولة. وأقر هذا القانون بأغلبية ساحقة وطالب بمعاقبة غير الملتزمين فيه بعد استنفاد وسائل الحوار معهم.
وقد قوبل هذا الأمر بردود فعل مستنكرة وغاضبة في بعض أنحاء الدول الإسلامية.