ومع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم فقد فشلوا فشلاً فاحشاً . ففي الساعة الحرجة قال رسول الله لعلي بن أبي طالب : نم في فراشي ، وتسبح ببردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه ، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم ، وكان رسول الله ينام في برده ذلك إذا نام .
ثم خرج رسول الله ، واخترق صفوفهم ، وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رؤوسهم ، وقد اخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه وهو يتلو : وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه تراباً ، ومضى إلى بيت أبي بكر ، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلاً حتى لحقا بغار ثور في اتجاه اليمن .
وبقي المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر ، وقبيل حلولها تجلت لهم الخيبة والفشل ، فقد جاءهم رجل ممن لم يكن معهم ، ورآهم ببابه فقال : ما تنتظرون ؟ قالوا محمداً. قال خبتم وخسرتم ، قد والله مر بكم ، وذر على رؤوسكم التراب ، وانطلق لحاجته ، قالوا والله ما أبصرناه ، وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم .
ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا علياً ، فقالوا والله إن هذا لمحمد نائماً ، عليه برده ، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا . وقام عليُّ عن الفراش ، فسقط في أيديهم وسألوه عن رسول الله ، فقال : لا علم لي به .